1- من وجوه التيار القومي

محمد طلعت حرب .. زعيم مصر الاقتصادي

عندما نقرأ في كتب الأعلام والقواميس والموسوعات عن (طلعت حرب )، نعرف أنه "زعيم مصر الاقتصادي "، أو "رائد نهضة مصر الاقتصادية والصناعية " ، كما ورد في موسوعة أعلام مصر في القرن العشرين، ثم نعرف - طبعًا - أنه هو من أنشأ بنك مصر، وهو المؤسسة التي نقلت مصر - عبر العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات – من الاقتصاد الفردي، إلى الاقتصاد الذي تديره الشركات المساهمة، ومن المشروعات الاقتصادية التي يديرها الأجانب، إلى المشروعات التي يملكها الوطنيون ويديرونها للصالح الوطني المصري العام.

وُلد (حرب ) في حي (الجمّالية ) عام 1867، وتوفى عام 1941. تخرّج في مدرسة الحقوق الخديوية واشتغل بـِِِ (قلم القضايا ) – وهي الجهة التي كانت تدير الأملاك الخديوية الخاصّة، وهي أملاك شاسعة من الأراضي الزراعية وغيرها –. ثم انتقل إلى إدارة الشركة العقارية المصرية. ومن هنا اكتسب خبرة كبيرة بإدارة المشروعات الاقتصادية.

الاهتمام بتاريخ العرب والإسلام

أشرنا إلى جانب طفيف من الناحية المهنية في حياة (طلعت حرب )، ولنتحدث الآن عن ناحية الثقافة العامة، وهو ما نلحظه في الكتب التي ألّفها في المرحلة الأولى من عمره – مرحلة ما قبل إنشاء بنك مصر -. إن أول ما عرفنا من كتبه هو كتاب (تاريخ دول العرب والإسلام )، وكان يتألف من أربعة أجزاء: الجزء الأول عن تاريخ العرب من قبل الإسلام إلى عصر الخلفاء الراشدين، والثاني كان من عصر الخلفاء الراشدين حتى سقوط بغداد، والثالث عن الدول التي انشقت من دولة (بني العباس ) ودول الإسلام في الأندلس، والرابع عن تاريخ الدولة العثمانية.

تربية المرأة والحجاب

أما كتابه الثاني فهو بعنوان (تربية المرأة والحجاب )، كتبه ردًا على كتاب (تحرير المرأة ) الذي أصدره (قاسم أمين )، وفيه دافع عن الحجاب وأوغل في الدفاع عنه، وتكلم عن التربية ووجوبها. لقد رأى أن تحرير المرأة وسفورها ما هو إلا رغبة أوروبية تمنتها أوروبا من قديم الأزل، كأنما يريد أن يقول إن الغرب - باسم محاربة الرق - استعمر بلادًا، وإنه اليوم - باسم تحرير المرأة - يريد أن يستعمر بلادًا أخرى ويتدخل في شئونها، ومن هنا نلحظ موقف (طلعت حرب ) السياسي ضد الاستعمار الغربي.

ولكن مؤخرًا، ومع التطور الثقافي والحضاري والاقتصادي الذي شهدته مصر من العشرينيات وما بعدها، ومع انفتاح مشروعات (طلعت حرب ) الاقتصادية الوطنية، انفتحت معها أيضًا أفكاره في عمل المرأة وحجابها، وتحوّل من ذاك الذي يرى أفضلية المرأة في إدارة شئون بيتها وأولادها، إلى الذي يؤمن بأهمية عمل المرأة بحماسٍ واضحٍ .

والخلاصة من متابعة أعمال طلعت حرب تظهر في إلمامه العميق بالثقافة الإسلامية العربية، وكذلك إلمامه التاريخيُّ والسياسيُّ المعاصر بطبيعة العلاقة الاستعمارية مع الغرب، وموقف منحاز إلى القضية الوطنية لمصر ولشعوب الشرق. كما لا يمكن إهمال نظرته إلى مشاكل الواقع وإيجاد الحلول المناسبة لها.

2- أحمد لطفي السيد، ولمحات من دوره السياسي

نحن عندما نتحدث عن الدور السياسي لـ (أحمد لطفي السيد ) يلزم أن نتعرف على مجالات نشاطه السياسي. عاش (السيد ) ثلاثةً وتسعين عامًا، وتخرج في مدرسة الحقوق الخديوية، واشتغل بالنيابة العامّة وعُيّن وكيلًا للنيابة. وقد ساهم في تأسيس جمعية سرية غرضها تحرير مصر، ثم اتصل بـِِِ (مصطفى كامل ) ثم الخديوي (عباس حلمي ) عند تأسيسهم لحزب وطني سرّي، ثمّ ابتعد عنهم جميعهم وترك العمل بالنيابة وانشغل بالسياسة؛ فعمل بـِِِ (الجريدة ) التي كانت تصدر عن حزب الأمّة.

ومن جهة أُخري كانت سياسة حزب الأمة و الجريدة – حسبما بلوّرها (أحمد لطفي السيد ) في كتاباته، هي التدرُج في استخلاص الاستقلال السياسي لمصر من الإنجليز، وقطع الصلة مع الدولة العثمانية، وإثارة الخلاف مع الخديوي. أي أن مصر تخضع لسلطة الخديوي الشرعية ولسلطة الإنجليز الفعلية، وأن هدف الأمة هو الظهور بين هاتين السلطتين بوصفها قوة ثالثة بينهما. وهذا الطرح لم يرض طموحات المصريين بالنسبة لمطلبهم بجلاء القوات العسكرية البريطانية عن أرض مصر.

كان أساس منهجه في النشاط السياسي هو التدرُّج والاعتدال والنظرة التي بلوّرها عن أن هدف (الأمّة ) هو المشاركة للسلطتين الشرعية والفعلية. وكانت الأمّة - في نظره - هي أعيان البلاد وأُسرها - أي ما يمكن تسميته الآن بالنخب الاجتماعية -.

كان (أحمد لطفي السيد ) مُفكرًا أكثر منه سياسيًا حركيًا، وعلى مدى حياته السياسية لا نلحظ فيها إلّا ما يتعلّق بالفكر وبلورته. فمنذ تأسيسه حزب (الأمّة ) و (الجريدة ) وانضمامه للوفد في أول نشأته، وتأسيسه لحزب (الأحرار الدستوريين ) فهو لم يتولّ أبدًا رئاسة أيٍّ منها رغم أحقيته بذلك.

وعن بعض النشاطات الأخرى فإنه عُيّن وزيرًا للمعارف، وتولى وزارة الخارجية، وتولى وزارة الداخلية لمدة شهر واحد، وكان أول مدير للجامعة المصرية عندما تحوّلت من أهلية إلى حكومية.

3- محمد حسنين هيكل .. صانع القرارات

4- من وجوه التيار الإسلامي

5- ليس في تاريخنا ما يُشين

6- المسيحية ليست طرفًا في الصراع

7- التعددية في مجتمعنا منذ القدم